تخطى إلى المحتوى

من الفصل إلى الساحل: كيف يقود طلاب محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية الحفاظ على البيئة الساحلية

3 دقيقة قراءة

21 سبتمبر 2024

على شواطئ البحر الأحمر المتلألئة، وقف طلاب المدارس الابتدائية من مدينتي الوجه وضباء مرتدين قفازاتهم، ممسكين بأكياس النفايات وهم ينظرون إلى امتداد الشاطئ أمامهم، حيث تنتشر القوارير البلاستيكية وشباك الصيد وبقايا الطعام. بالنسبة لمعظمهم، كانت هذه اللحظة الأولى التي يدركون فيها حجم التحدي البيئي الذي يهدد أرضهم وبحرهم. ومع كل خطوة خطوها، وكل قطعة نفايات التقطوها، كانوا يسطرون فصلاً جديداً في جهود محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية للحفاظ على بيئتنا البحرية، من خلال مبادرة تجمع بين التعليم والمشاركة المجتمعية والعمل الميداني للحفاظ على النظم البيئية الهشة للبحر الأحمر.
بدأت هذه الرحلة من الفصول الدراسية، حيث يتعلم الطلاب عن المخاطر التي تهدد بيئتهم الطبيعية. وقد صُمم برنامج التوعية البيئية، والذي يشمل 140 مدرسة داخل المحمية، خصيصاً لتحفيز عقول الشباب وترسيخ مفهوم الحفاظ على البيئة في نفوسهم. فالطلاب يتعرفون على النظم البيئية الفريدة للبحر الأحمر، وكيف تؤثر النفايات على الحياة البحرية، وأهمية الشواطئ النظيفة في دعم التنوع البيولوجي. تلك الدروس لم تكن مجرد نظريات جامدة في الكتب، بل تحولت إلى خطوات عملية على شواطئ الوجه وضباء.
في نوفمبر من عام 2021، خرج 60 طالبًا من مدارس الوجه مسلحين بالمعرفة التي اكتسبوها من فصولهم الدراسية، وشاركوا في حملة تنظيف بمحمية بحرية، تمكنوا خلالها من جمع 100.5 كجم من النفايات، تضمنت قوارير بلاستيكية وشباك صيد متروكة ومخلفات غذائية. وفي نوفمبر من العام التالي 2022، انضم 72 طالبًا من مدارس ضباء إلى نشاط مشابه في المحمية الجنوبية، حيث جمعوا 157.4 كجم من النفايات. وقد حظيت هذه الجهود بدعم من الجهات الحكومية المحلية، بما في ذلك حرس الحدود والقوات الخاصة للأمن البيئي وفِرق الدفاع المدني، مما يعزز مفهوم المسؤولية المشتركة في الحفاظ على البيئة البحرية.
كانت هذه الحملات أكثر من مجرد تنظيف للشواطئ؛ فقد كانت درسًا عمليًا لما تعلمه الطلاب في الفصول الدراسية، وربطًا مباشرًا بين العلم والتطبيق. وبعد كل حملة تنظيف، نظمت المحمية جلسات تعليمية إضافية في المدارس المشاركة، حيث قام فريق التوعية المجتمعية بشرح أهمية جمع النفايات والأثر الكبير الذي يمكن أن تتركه لو بقيت في المكان.
تم التوسع في هذه الجلسات لتوضيح كيفية تسبب النفايات الصلبة في إلحاق الضرر بالحياة البحرية، مثل السلحفاة صقرية المنقار، وحرمان الشعاب المرجانية من ضوء الشمس اللازم لنموها. هذه التجارب الحية ساهمت في تعميق فهم الطلاب للأثر المباشر والطويل الأمد لجهودهم، فلم يروا الشواطئ نظيفة فحسب، بل أدركوا أن جهودهم تساهم فعلياً في الحفاظ على الحياة البحرية الفريدة للبحر الأحمر.
وفي خطوة لتحفيز الطلاب، نظمت المحمية مسابقة ودية خلال حملات التنظيف، حيث قُدمت جوائز رمزية للطلاب الذين جمعوا أكبر كمية من النفايات. هذه اللفتة البسيطة ساعدت على ترسيخ الرسالة الأهم: أن كل جهد فردي يُحدث فرقًا في الحفاظ على بيئتنا.

تمتد مياه محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية لتغطي 1.8% من البيئة البحرية للمملكة، وتعد موطناً لـ 22% من أنواع الأسماك و64% من أنواع الشعاب المرجانية في السعودية. ومع ذلك، فإن التلوث يهدد هذا النظام البيئي الثري. تعتبر المواد البلاستيكية مثل القوارير والأكياس وشباك الصيد من أكثر الملوثات شيوعاً في مياه المحمية وعلى سواحلها. التعامل مع هذه المشكلات ليس فقط ضروريًا للحفاظ على البيئة البحرية، بل هو أمر حيوي لاستدامة المجتمعات المحلية التي تعتمد على البحر الأحمر في الغذاء والسياحة وسبل العيش.
كانت هذه الحملات بمثابة نافذة يطل منها الطلاب على الواقع البيئي لبلدهم، حيث فوجئ الكثيرون بحجم النفايات التي واجهوها، الأمر الذي عمق فهمهم لضرورة مواصلة جهود الحفاظ على البيئة.
استراتيجية المحمية بسيطة، ولكنها قوية: التثقيف، التفاعل، والتمكين. من خلال إشراك الشباب في هذه الجهود، تزرع المحمية بذور الوعي البيئي والمسؤولية التي ستنمو لتصبح التزامًا مدى الحياة بحماية البيئة. وهذه المبادرات تُذكرنا دائمًا بأن التغيير الحقيقي يبدأ من الوعي ويستمر عبر العمل المخلص.