تخطى إلى المحتوى

من الصيد إلى الحماية: مهمة مشاري في البحر الأحمر

4 دقيقة قراءة

8 أغسطس 2024

تُبرز قصة تحول مشاري محمد مرزوق من صياد إلى مفتش بيئي بحري تأثير محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية على البيئة والمجتمع المحلي في آن واحد.

على سواحل البحر الأحمر، حيث تلاطم الأمواج الساحل في مدينة الوجه، لطالما شعر مشاري محمد مرزوق، المعروف بأبي نايف، بارتباط عميق مع البحر. نشأ في هذه البلدة الساحلية، حيث أمضى مشاري ساعات لا تُحصى في الصيد والسباحة واستكشاف الحياة البحرية الزاخرة. ويقول: “كان البحر بالنسبة لي أكثر من مجرد مصدر رزق، كان ملعبًا وملاذًا”.

 بدأت رحلة مشاري في عام 2007 عندما بدأ العمل كصياد. لسنوات، اعتمد على خيرات البحر لدعم أسرته. ومع مرور الوقت، بدأ يلاحظ آثار الصيد الجائر والممارسات الضارة الأخرى. دفعه حبه للبحر وبلدته إلى البحث عن طريقة لرد الجميل للبيئة التي منحته الكثير.

جاءت فرصته عندما علم عن المحمية من خلال إعلان وظيفة وعد بأكثر من مجرد عمل. يقول: “عرفت عن المحمية من خلال إعلان وظيفي. قالوا إنها تهدف لتطوير البلاد”. أتاح له هذا الأمر الجمع بين معيشته وشغفه بالبحر، مما شكل بداية تحوله من صياد إلى مفتش بيئي بحري.

في ديسمبر 2021، تم اختيار مشاري كواحد من 19 حارسًا من بين آلاف المتقدمين للانضمام إلى المحمية. بدأ كمفتش بيئي على اليابسة، وترقى ليصبح قائد فريق للمفتشين، لكن سرعان ما تم اختياره للانضمام إلى صفوف أول مفتشين بحريين في المحمية. كان التزامه بالحفاظ على البيئة البحرية واضحًا منذ البداية.

مع توليه دوره الجديد، بدأت نظرة مشاري تجاه الحفاظ على البيئة تتغير. يقول: “كنت أصطاد دون الاكتراث بالشعاب المرجانية أو بعض الأسماك، وكنا نقوم بممارسات خاطئة أخرى”. علمته تجربته في المحمية أهمية الحفاظ على البيئة. ويضيف: “الآن تغيرت نظرتي لحماية البيئة. الأمور الخاطئة التي كنا نفعلها كان يمكن أن تقضي على الحياة الطبيعية مثل الشعاب المرجانية”.

ويعد برنامج المفتشين البيئيين البحريين في المحمية جزء أساسي من استراتيجيتنا للحفاظ على البيئة البحرية، ويغطي حوالي 4000 كيلومتر مربع من النظام البيئي البحري في البحر الأحمر؛ ممتدًا على طول 170 كيلومترًا من الساحل ويمتد إلى 23 كيلومترًا في البحر حتى حدود المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية. ونعمل بشكل وثيق مع شراكئنا في حرس الحدود، والمركز الوطني للحياة الفطرية، والمركز الوطني للالتزام البيئي في هذا الصدد. تعزز هذه الشراكات جهودنا لتطبيق القانون وحماية البيئة بفعالية.

كجزء من مهامه اليومية، يقوم مشاري بدوريات على الساحل لتسجيل مواقع ظهور السلاحف، ووضع مواقع تعشيشها في أقفاص خاصة، والتحقق من وجود علامات على تسرب النفط أو المواد الكيميائية. كما يبلغ عن وفيات السلاحف والدلافين والكائنات البحرية الأخرى إلى قسم الثروة السمكية في المركز الوطني للحياة الفطرية، وينبه حرس الحدود بشأن الأنشطة غير القانونية مثل الصيد بالرمح والشبك والصيد على طول الساحل. بالإضافة إلى ذلك، يراقب الماشية لمنعها من دخول المحميات الساحلية مثل مناطق العمود وزبيدة بدعم من القوات الخاصة للأمن البيئي.

أتت إحدى التجارب تأثيراً في مسيرة مشاري من درس تعلمه بالطريقة الصعبة. أثناء محاولته صيد سمكة ناجر كبيرة، ضرب بطريق الخطأ شعاب مرجانية. يقول: “لو كان بإمكاني العودة بالزمن، كنت سأحمي الشعاب بدلاً من صيد السمكة”. سلطت هذه الحادثة الضوء على الطبيعة الحساسة للنظم البيئية البحرية وزادت من عزيمته على حمايتها.

لمواجهة تحديات الحفاظ على البيئة البحرية، يخضع مشاري وفريقه لتدريب مكثف. يتم تأهيلهم في عمليات البحث والإنقاذ البحري وسيصبحون قريبًا قادة معتمدين، مما يضمن عمليات آمنة وفعالة في البحر. هذا التدريب لا يحسن مهاراتهم فحسب، بل يبني ثقتهم أيضاً. وتشمل التدريبات دوريات مشتركة مع قسم الثروة السمكية في المركز الوطني للحياة الفطرية حيث يتعلمون عن فحص تصاريح الصيد والملاحة البحرية.

لم يُحدث عمل مشاري مع المحمية تحولًا في معيشته فحسب، بل عزز أيضًا علاقته مع محافظته، الوجه. منحته جهود المحمية في حماية البيئة المحلية شعورًا متجددًا بالمسؤولية تجاه مجتمعه. يؤكد مشاري: “مع فهمنا لقيمة المحمية وحمايتها للطبيعة، أشعر أنها مصدر فخر لنا كسعوديين وسكان للمنطقة”. وهو يتطلع إلى اليوم الذي يصبح فيه عملهم نموذجًا عالميًا للحفاظ على البيئة. يقول: “أرى المحمية ليس كمشروع فقط، بل كحركة تلهم القائمين على صون الطبيعة داخل البلاد وخارجها”.

تُظهر قصة مشاري قوة التفاني والتغيير. تحوله من صياد إلى مفتش بيئي يعكس الأهداف الاستراتيجية للمحمية —ليس فقط في الحفاظ على البيئة، ولكن أيضًا في إلهام مواطنيها. نلمح في عينيه مستقبلًا يتعايش فيه الإنسان والطبيعة بانسجام. رسالته للعالم واضحة: “معًا، يمكننا حماية تراثنا الطبيعي للأجيال الحالية والمستقبلية”.